الصدق والخير

"الصدق ينمو في تربة القلب؛ جذوره هي الحب، وثماره هي الخير."

مار اسحاق النينوي (القرن السابع)

يوجد حجر أساس مخفي في عالم الإنسان الداخلي: القيمة أو القيم.

هذه القيم التي تغذيها تعاليم المسيح هي خرائط داخلية يلتقي فيها الإنسان بالصدق ويتمشى مع الخير. لأن كل خير حقيقي ينمو في فكرة؛ وهذه الفكرة تستند إلى قيمة متجذرة في الحب.

الصدق ليس مجرد سلوك. إنه موطن الروح الصامت: يغذي الإنسان من الداخل، ويقويه، ويحميه.

تعبير المسيح "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يوحنا 14: 6) يذكرنا بأن الصدق ليس مجرد فضيلة، بل هو إرشاد إلهي.

لا يمكن للإنسان الذي لا يمتلك قيمًا أن يبني هذا الملاذ. إن إدراك الصدق والاقتراب منه والبقاء فيه - كل ذلك مرتبط بنسيج القيم المتجذر في المسيح.

تنمو القيم العالمية من خلال تكرارها في رحلة العقل والقلب الطويلة، وتصبح أكثر وضوحًا من خلال الاختبار، وتكتسب عمقًا من خلال محبة المسيح. كل فكرة، كل مفهوم، كل إيمان يخدم الإنسان يحمل قيمة على عاتقه. ولهذا السبب فهو متأصل في الصدق. الحقيقة تصل إلى الخير في النهاية. لأن الصدق في المسيح لا يضيع الإنسان؛ بل على العكس، يقربه قليلاً من جوهره ومن صورة الرب.

إن الإنسان الذي لا يجد قيمته الذاتية ولا يدرك قيمته، فإن جذوره التي تمسكه بالحياة تكون ضعيفة. لأن كل إنسان يجب أن يكون في قلبه ولسانه وسلوكه شيء يقدّره: كلمة، إيمان، إنسان، فكرة، تعليم، أمل...

من الصعب على العقل أن يتصور أن الإنسان يمكن أن يعيش دون أن يهتم بأي شيء. المسألة الأساسية هي ما يقدسه الإنسان. لأن القيمة تشكل الإنسان؛ أما الصدق فيشكله بمحبة المسيح، ويصقله، ويضيئه.

اليوم، العالم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الخير الذي تغذيه الصدق، والحب المتجذر في المسيح. لأن كل كذبة تضعف قيمة ما؛ وكل قيمة تضعف، تجفف قليلاً من ينبوع الخير في الإنسان. لذلك، يجب على الإنسان أن يحافظ أولاً على القيم التي بداخله؛ وأن يتعلم أن يحمل الصدق ليس كعبء، بل كهدية من المسيح.

الحقيقة البسيطة هي: الخير ينمو بالصدق؛ والصدق يتنفس بالقيمة؛ والقيمة تجد كمالها في المسيح. وما يتبقى هو حديقة داخلية يزرعها الإنسان بنفسه: هادئة، عميقة، لا تذبل. وتنبت بالأمل في المسيح.

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين