الجانب المعنوي

يمكننا أن نصلي كل يوم، ونزور الأماكن المقدسة، ونحفظ النصوص المقدسة؛ ولكن هل نستطيع أن نقول أننا نعيش الروحانية الحقيقية إذا لم يكن لدينا الرحمة والشفقة في قلوبنا؟

وفقًا للثقافة السريانية، فإن الروحانية لا تقتصر فقط على الطقوس الخارجية والعبادة. إنها رحلة داخلية وعملية تطهير للروح. تتجسد الروحانية في اتحاد محبة الله ومحبة الإنسانية.

الروحانية الحقيقية تكمن في الأفعال الصغيرة ولكن ذات المعنى التي تحدث في كل لحظة من حياتنا اليومية. إن مد يد المساعدة لمن يحتاج إليها، ومعرفة كيفية التسامح، وفهم الغضب، وإظهار موقف صادق تجاه الناس هي قيم مهمة في الروحانية السريانية. ينبغي أن نعيش الروحانية بقلب صادق وليس فقط بالكلمات.

إذا كنا غير لطفاء أو نحكم على الآخرين أو نؤذيهم، ولكن في نفس الوقت ندعي أن لدينا قيمًا روحية، فهذا تناقض داخلي. في الثقافة السريانية، الحب والتعاطف والتواضع هي أحجار الزاوية للروحانية. إن النميمة، أو الظلم، أو التجاهل لمن هم في محنة، يؤدي إلى فقدان الحياة الروحية لكنهها.

الروحانية لا تتعلق فقط بالقواعد التي يتم تطبيقها في أوقات معينة. إنها عملية معرفة الذات، وإيجاد السلام الداخلي، والعيش في وئام مع المجتمع. تعتقد الثقافة السريانية أن كل حدث يمثل فرصة للنضوج الروحي. ولذلك، ينبغي أن تنعكس نظرتنا الروحية في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية.

الروحانية بدون التعاطف لا معنى لها؛ الالتزام بدون تعاطف هو التزام بلا روح. تكتسب الروحانية معناها ليس من خلال كمية التعبير عنها، ولكن من خلال مدى عمق تجربتها. التطور الروحي في التقليد السرياني؛ فهو يتغذى بالصبر والإخلاص والتواضع. إن الحياة الروحية الحقيقية تنشأ من خلال الصدق والمسؤولية. إن اختيار الخير حتى في اللحظات غير المرئية هو أنقى أشكال الروحانية. لأن الروحانية الحقيقية هي أسلوب حياة يعاش بالجوهر، وليس بالتفاخر. وفقًا للثقافة السريانية، فإن النور الذي يحمله الشخص في عالمه الداخلي يتجلى من خلال المواقف التي يظهرها في العالم الخارجي.

ولا ننسى أن الروحانية هي رحلة داخلية وليست خارجية، وهذه الرحلة تتشكل من خلال الحب والعدالة والحكمة.

ملفونو يوسف بختاش 

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين