الأنانية وتربية الإرادة تعتبر الثقافة السريانية الصراع الداخلي بين الطبيعة الحيوانية للإنسان ليس فقط مسؤولية أخلاقية بل مهمة وجودية. يبرز هذا الفهم العتيق محبة الرحمة والمحبة اللتين تمثلان قوة العقل والروح والقلب المتوازنة ضد القوة الوحشية وغير المسيطر عليها للأنانية. لأن الإنسانية الحقيقية تبدأ من الضبط الداخلي. وهذا الضبط يتطلب تربية الداخل وليس الخارج فقط. الأنانية تلبي الراحة والملذات؛ لكنها تقصم أوصال الرحمة الدقيقة الكامنة في الجوهر، وتسمم الأرواح. لا يمكن للأنانية والرحمة أن تتواجدا معاً. فالأولى تبطل الأخرى. الأنانية تدمر الرحمة؛ مؤديةً إلى تصلب روحي وفكري. وهذا يعمق الفراغات الداخلية؛ ويضر بالإخلاص، ويغذي العقد النفسية. وحيثما تكثر العقد، تبدأ القيم والآداب والأخلاق بالتآكل. قيل على نحو جميل: "من يزرع بالرحمة، سيحصد بالرحمة." وإذا كان حب الذات، والرحمة الذاتية، والاحترام الذاتي، والقيمة الذاتية، والضبط الذاتي قد تآكلت، يصبح الصراع الداخلي حتمياً. يشبه بعض الفلاسفة الإنسان بفارس على ظهر جواد: فالجواد هو الجسد؛ الفارس هو الروح؛ والزمام هو الإرادة. وإذا لم يمسك الفارس زمام الأمور بإحكام، يتجه الجواد حيث يشاء. ربما إلى الهاوية... لا يتحقق سيطرة الروح على الجسد إلا بتقوية الإرادة. تربية الإرادة هي انضباط داخلي يقود النفس ورغباتها وتوجهاتها نحو الخير، وينضجها ويرتقي بالروح. تربية الإرادة، وهي طريق للحفاظ على معنى الحياة وفرحتها، حيوية لصحة الفرد النفسية وسلامة المجتمع. مع تمنياتي بالصحة والسلامة للجميع بتربية الرحمة. ملفونو يوسف بختاش رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين
You can also send us an email to karyohliso@gmail.com
Leave a Comment