حقوق العباد والضمير الإنساني - Karyo Hliso
Yusuf Begtas:

حقوق العباد والضمير الإنساني

Mlfono Yusuf Beğtaş
حقوق العباد والضمير الإنساني

حقوق العباد والضمير الإنساني

كل ما نرتبط به... يحيط بنا بأمان دافئ، ويحولنا إلى ما نعتز به. يلتصق الإنسان بجذر كما يلتصق الفرع: بشخص، بفكرة، بخوف...وكل ارتباط ينسج طرق الضمير بخيوط غير مرئية. لأن الإنسان حيثما يرتبط يصبح أسيرًا لذلك الشيء؛ وكل ارتباط يبني جدارًا في القلب يخمد صوت الضمير. الضمير هو بوصلة داخل الإنسان. الحرام والذنب هما علامات هذه البوصلة القديمة. تتغير أشكالها مع كل عصر ومجتمع، لكن جوهرها لا يتغير: الإنسان مسؤول ليس فقط عن نفسه بل عن الآخرين أيضًا. هذه المسؤولية ليست لقمع الفروق بل لتمكين تكاملها. للأسف، كل استبداد، وكل قمع، وكل فرض يظلل حرية الإرادة هو خلو من الضمير. يدخل في باب حقوق العباد. وهذا لا يفعله إلا من يعيش في جهل روحي ولا مبالاة. لكن التعليم السرياني القديم يذكرنا: "من لا يغفر، يرتبط. ومن لا يترك، يعبد عبودية. ومن ينتهك الحقوق، يظلم نور نفسه." لأن الوعي الحقيقي لا يقتصر على عدم أكل الحقوق فقط؛ بل يحمي الحق، ويكمل الناقص، ويملأ الفراغ بالخير. حقوق العباد ليست فقط مصادرة أموال أو أموال الغير. الخطر الحقيقي أهدأ وأخف ظهورًا: كل ما يؤذي الإنسان نفسه أو الآخرين يدخل في باب حقوق العباد. أن تترك قلبًا في منتصف الطريق. أن تسرق أملًا. أن تطفئ فرحة روح في الحياة. أن تخلف وعدًا. أن تستغل حسن نية. أن تهمل واجبًا. أن تضغط على إرادة إنسان. الإنسان لا يؤذي بيديه فقط، بل يؤذي بالكلام، بالنظرة، بالإهمال. هذه الجروح ليس لها محكمة، لكنها تزن في ميزان الضمير. كل قلب محطم، كل عاطفة مستغلة، كل دمعة مسكوبة يوماً ما تقف على ميزان العدالة. لأن النظام الإلهي يسجل النية والفعل، ويزنها عند الوقت المناسب. يصبح الإنسان أثقل مع كل تعلق. يغمض ضميره كلما تعلق بمخاوفه، بشهواته، بممتلكاته. لكن هناك ترك أيضاً: ترك النية الملوثة وليس العبء. التطهر من الزوائد وأن يكون نورًا في قلب الآخرين هو الفضيلة الحقيقية. لأن الحلال الحقيقي هو ألا يترك أحدًا نصف مكتمل. أفضل رفيق ليس الذي يحبنا، بل الذي يفهمنا. لأن جميع الرحلات تبدأ بالفهم. في كل رحلة يترك الإنسان أثرًا: بعضها طيب الدعاء والذكر، وبعضها حزنين واحتجاج صامت...وعندما تنظر إلى الوراء، ما يبرئ الإنسان؛ هو أن يعيش بضمير، دون أن يظلم أحداً، دون أن يسحق أحد تحت الضغط، دون أن يقمع الفروق بل يكملها. أن يكون موجودًا بالخير، وأن يترك أثرًا طيبًا. لذا حقوق العباد ليست فقط عدم انتهاك الحقوق؛ بل هي حماية الحقوق وزيادتها. كما قال مار إسحاق من نينوى (القرن السابع): "لا ترد الشر بالشر حتى لا يبرد الخير في داخلك. لا تؤذي أحدًا حتى لا يؤلم قلبك." لأن الإيذاء هو أيضاً حق عبد؛ والخير هو الحقيقة الوحيدة التي ترمم الفراغ. وكل صباح يجب على الإنسان أن يسأل نفسه: "ماذا فعلت اليوم؟ هل عشت لأخفف حملًا أم لأكسر قلبًا؟ "الضمير الحقيقي هو احترام الإرادة الحرة، وعدم انتهاك حقوق أي إنسان. الحلال الحقيقي هو ألا يترك أحدًا ناقصًا. الحلال الحقيقي هو أن تكون أملًا، نورًا، رحمة، شفاء وترك نفع دائم. الحلال الحقيقي هو ألا يظلم أحد بأي شكل. والحرية الحقيقية هي أن تترك ما تشد به نفسك، فتخفف، وتضيء مع تطهير النفس.

 

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 


 
Please Leave Your Thinking

Leave a Comment

You can also send us an email to karyohliso@gmail.com