الوعي الذاتي والمعرفة - Karyo Hliso
Yusuf Begtas:

الوعي الذاتي والمعرفة

Mlfono Yusuf Beğtaş
الوعي الذاتي والمعرفة

الوعي الذاتي والمعرفة

 نحن البشر نجد الاتجاه في كل جانب من جوانب الحياة من خلال قدرتنا على التفسير والتقييم. ولكن يجب ألا ننسى أن نقص الحب والمعرفة لا يؤدي فقط إلى إزالة هذه القدرة عن الحقيقة والإنصاف، بل مع مرور الوقت يضعفها ويجعلها عديمة الفائدة. لأن ما نراه في الآخرين في الواقع هو ما يوجد داخلنا. إذا كان عالمنا الداخلي ضيقاً، فستكون تفسيراتنا ضيقة أيضاً؛ وإذا كانت جهلنا عميقاً، فستكون تقييماتنا ناقصة بنفس العمق. لذلك، لفهم أنفسنا والآخرين بشكل صحيح، هناك حاجة إلى المعرفة المغذية بالحب، والحب الذي يتعمق بالمعرفة. التفسير والتقييم المغذيان من ينبوع الحقيقة يضيفان قيمة إلى الإنسان والمجتمع، ويرفعانهما، وينشران الراحة في القلوب والنور في العقول. أما الأحكام الأنانية التي تنبع من دروب الأنا الضيقة فتسقط كظل مظلم على الحياة؛ تصغر الإنسان وتجهد المجتمع. الحكمة الحقيقية هي فن مقدس يرفع الإنسان والمجتمع، ويغطي كل فعل وكل قول بالضوء والحب. لهذا السبب، يجب على كل من يريد رؤية وفهم الأعمق أن يزداد عمق ذاته أولاً، ويوسع مخزونه المعرفي وآفاق نظرته. ولا يجب أن ننسى أن "الكلمة التي نضع عندها النية، تتحول حياتنا إليها. "اكتشاف الإنسان لنقاط ضعفه ورؤية نفسه بكل عريه ممكن فقط بالمعرفة. بدون المعرفة، لا يمكننا مواجهة أنفسنا، ولا التمييز بين الظلال داخلنا. كثيراً ما نسأل: "نعم، لدي نقاط ضعف... لكن كيف سأراها؟" الجواب واضح: الشيء الناقص هو المعرفة. بدون المعرفة، لا يمكننا أن نرى بعمق، ولا أن نشعر بعمق. ما نعيشه طوال حياتنا له تأثير يروي بذور الحكمة الداخلية، لكن ما يجعل هذه البذور تنمو هو المعرفة التي نكتسبها من العالم الخارجي: القراءة، الاستماع، التفكير، التقييم... دمج المعرفة الجديدة مع التجربة الداخلية يعمق الحدس. وكلما تعمق الحدس، يمكن للإنسان أن ينظر إلى عيوبه ونقاط ضعفه بشجاعة أكبر؛ ويراها بعيون صادقة وموضوعية دون خداع الذات. لا يستطيع أحد منا أن يرى نفسه تماماً من الخارج؛ جانب منا يبقى مظلماً وذاتيّاً. علاوة على ذلك، ليس فقط عالمنا الداخلي، بل الأحكام النمطية للمجتمع تغذي هذا الظلام والذاتية. كثيراً ما ننظر إلى الأحداث من نافذة ضيقة للنماذج الجاهزة. وهنا تأتي المعرفة كمفتاح ذهبي يفتح هذه النوافذ. المعرفة كالمرآة الداخلية التي يمكن للإنسان أن يختار فيها نفسه وعيوبه ونقاط ضعفه. بعض الحقائق لا تُفهم في يوم واحد. الإدراك يتطلب وقتاً، صبراً ونضجاً. أحياناً، تعلم شيء ورؤيته بشكل صحيح ليس أمراً سهلاً؛ لا يحدث فوراً، بل يحتاج إلى وقت. أحياناً سنوات، وأحياناً حياة كاملة. لكن المهم هو بذل الجهد في هذا الطريق لاكتساب الوعي. لأن من يريد أن يتعلم، لابد أن يحصل على ذلك. ربما ليس اليوم، لكن عندما يحين الوقت بالتأكيد...كما قيل، "الإنسان يعرف عمله بنفسه. معرفة الذات هي الباب الأول لمعرفة الله."

 

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 

 


 
Please Leave Your Thinking

Leave a Comment

You can also send us an email to karyohliso@gmail.com