الروح والعمل - Karyo Hliso
Yusuf Begtas:

الروح والعمل

Mlfono Yusuf Beğtaş
الروح والعمل

الروح والعمل

هناك أعمال نفعلها نشعر معها بفراغ داخلي. وهناك أعمال أخرى، رغم تعبنا أثناء القيام بها، يمنحنا إتمامها إحساسا عميقا بالسلام الداخلي. ندرك هذا الفرق فقط عندما نعمل ليس بأيدينا فقط، بل بروحنا أيضا. كل شيء يتم بإخلاص يُكمل الإنسان. هذا ليس مجرد عمل، بل هو كدعاء؛ حالة يتحول فيها الإخلاص إلى فعل. تقول الحكمة السريانية: "الشيء الذي تضع فيه روحك لا يتركك". كم هو صحيح لأن كل عمل يُنجز بالروح لا يقتصر فقط على تحقيق نتيجة، بل يمس القلب أيضا. نتعلم من القديس مار أفرام (306-373): "كل عمل يُنجز بالحب هو عبادة مُقدّمة لله".

مهما كان العمل الذي نقوم به؛ إذا أضفنا له الحب، الأخلاق الحسنة والنوايا الطيبة، فإنه يتجاوز كونه مجرد عمل عادي. إنه يحمل أثر روحنا. في الثقافة السريانية، كان هناك حرفيون يبنون الحجارة فوق بعضها البعض. هذه الحجارة لم يكن يطرقها فقط المطرقة؛ بل كانت قيمة الإخلاص، الصمت والعمل تُعطى لها. لذلك، تلك المباني ليست فقط جدرانا، بل تحمل روحاً غير مرئية. وكذلك نحن، إذا أضفنا جمال قلوبنا إلى ما نقوم به، يعود ذلك العمل إلينا. ربما على شكل شكر، وربما كفرح عميق يولد داخلنا...لكن بالتأكيد يعود. لأن عمل الروح لا يذهب سدى أبداً. في السريانية، هناك كلمة "ḥadutho / hadutha" معناها: الفرح الصادق الداخلي. هذا فرح يتجاوز مجرد الضحك. إذا كان الإنسان هادئ الباطن ووجد قلبه السلام، فهذه هي الفرحة الحقيقية. مصدرها هو العمل الذي يُنجز بروح. إذا قمنا بعمل ما فقط لإنهائه، فإن أجسادنا تعمل لكن أرواحنا تتعب. ولكن إذا قمنا به كما يأتي من القلب، فإذا ما تعب الجسد فإن روحنا تنمو. مهما كان العمل، إذا كان سلامنا الداخلي مستقراً، فذلك يعني أننا على الطريق الصحيح. لهذا يجب أن نستمع إلى نداء روحنا. لأن الإنسان يجد طريقه الحقيقي فقط عندما يتبع الصوت الداخلي. تقول الحكمة السريانية القديمة: "ما يُنجز بيدٍ غير متصالحة مع الذات لا يمنح السلام للآخرين". لذلك علينا أولا أن نتصالح مع أنفسنا ونصادق داخلنا. لأن العمل الذي يعطيه الإنسان بروحه ليس مجرد عمل، بل هو أثر دائم. هذا العالم فانٍ. لكن الأعمال التي تُنجز بالروح تبقى دائمة. لأن الروح التي تحافظ على الحياة بالقيم الإيجابية لا تحمل أبدا دوافع معطوبة أو مشكلات. ولا ننسَ: لا يضيع أبداً أي عمل يصدر عن القلب. لأنه هو ما يجعلنا ما نحن عليه.

 

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 

 

 


 
Please Leave Your Thinking

Leave a Comment

You can also send us an email to karyohliso@gmail.com