قبر الأنا وقيامة الروح - Karyo Hliso
Yusuf Begtas:

قبر الأنا وقيامة الروح

Mlfono Yusuf Beğtaş
قبر الأنا وقيامة الروح

قبر الأنا وقيامة الروح

بقدر ما نتمكن من التخلص من الفردية - أي الأنانية وحب الذات- نتخلص من الضعف البشري والعيوب؛ ونبدأ في عيش وعي إنسانيتنا بالمعنى الحقيقي للكلمة.

في الواقع، إذا تحولت الفردية إلى أسلوب حياة يركز على "الأنا" فقط، فإنها تعزل الإنسان داخليًا وتبعده عن القيم العالمية.

أما عندما نتخلص من الأنانية، فإن قلوبنا تتسع لتشمل وجود الآخرين.

"العيش بوعي إنسانيتنا" هو في الواقع تذكر ذلك الضوء القديم الكامن في ذواتنا.

العيش بهذا الوعي لا يعني فقط التخلص من العيوب، بل هو اختيار واعٍ للوجود بالحب والتفاهم والرحمة.

في هذا السياق، لا يرمز عيد القيامة (عيد الفصح) إلى قيامة المسيح من القبر فحسب، بل يرمز أيضًا إلى انتقال روح الإنسان من الظلام إلى النور، ومن السبات إلى اليقظة.

يذكرنا هذا العيد بأن الحياة يمكن أن تنتصر على الموت. لكن هذا الانتصار يبدأ أولاً بالصراع الداخلي ضد "الأنا" التي بداخلنا.

الروح هي التي تخلق الحياة وتغذيها وتنميها.

الروح هي المصدر الحقيقي للخير والجمال والسلوك الفاضل.

لكن أمام هذا المصدر يقف في أغلب الأحيان صخرة كبيرة نسميها "الذات" أو "الأنا".

وبدون إزالة هذه الصخرة من مكانها، لا يمكن لروحنا الداخلية أن تتدفق بحرية.

لهذا السبب، فإن القيامة ليست مجرد حدث تاريخي؛ بل هي أيضًا ثورة داخلية.

الموت للشر يعني النهوض للخير. ترك الجوانب التي بقيت في قبر الأنا وراءنا؛ هو الولادة لنور الروح.

لأن الأنا تسد قناة الروح بقذارتها وصدأها وركامها؛ وتعيق التدفق الداخلي.

الغرور والتحيز والأنانية والحسد والإدمان واللاضمير هي من الأسباب الرئيسية لهذا الانسداد. مواجهة هذه العوائق وتجاوزها هي محطات صعبة ولكنها ضرورية في رحلة الإنسان للتعرف على نفسه ومعرفته.

وفاة المسيح وقيامته توضحان كيف يمكن قلب هذه الصخرة الكبيرة. لقد مرّ بالمعاناة والألم وحوّل قبره إلى نور. لقد علمنا كيف يمكن للروح أن تنتصر على الضعف البشري.

عيد القيامة هو دعوة لهذا التحول الكبير: من الخارج إلى الداخل، من الطرق الفرعية إلى الطريق الرئيسي؛ دعوة للسير من الذات الزائفة إلى الذات الحقيقية...

هذا الطريق هو طريق الحقيقة والحياة.

دعونا لا ننسى: الإنسان ليس فقط ما يعرفه؛ بل هو ما يفهمه. وهو يعيش بقدر ما يحيى حقًا. لأن الحياة ليست جسدية فقط؛ بل هي أيضًا عقلية وأخلاقية وروحية.

القيامة؛ هي إيقاظ الإنسان الداخلي، ووقوف الضمير، ووصول جوانبنا المغمورة بالظلام إلى النور.

إن عملية التحضير لهذا العيد والاحتفال به ترمز إلى ولادة الروح من جديد.

إنها تذكرنا بالعودة إلى أنفسنا، والانفتاح على النور، واختيار حياة مركزة على الخدمة.

وبهذه المناسبة، أهنئ من صميم قلبي المسيحيين في العالم، ممثلين في السريان الذين يعيشون في ماردين، بعيد القيامة.

فليضيء النور الإلهي الذي ينير قبر المسيح إنسانيتنا ويضيء طريق الحياة. وليكن سببًا للسلام والاستقرار في بلدنا وفي جميع أنحاء العالم.

ابقوا مع الحب والبعث والنور والأمل.

 

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 

 


 
Please Leave Your Thinking

Leave a Comment

You can also send us an email to karyohliso@gmail.com